كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن الجودة، ذلك الاعتماد الرسمي الذي اخذته كليتنا العزيزة طب المنصورة،لا أنكر أنها شهادةُ اعتمادٍ للمباني والمنشآت وليست شهادة جودةٍ للطلابِ ولا المستوي العلمي ولا التربوي للتعامل مع أطباء المستقبل
إلا أنها _ولا يستطيع احد إنكار ذلك_ خطوة بداية علي الطريق.
فتلك الجودة مشروطة بالمتابعة المستمرة واستمرار العمل لتحقيق الخطة الموضوعة من كليتنا ليتم تنفيذها قبيل موعد الزيارةِ القادمة للجنة الجودة والاعتماد.
لذا فتلك الجودة ليست نهائيه..والاعتماد قابلٌ للسحب إذا تراخينا أو توانينا عن الصمود علي الطريق والاستمرار في التطوير والتجديد والسير علي الخطة الزمنية بكفاءة ودقة متناهية أو التجديد إن حققنا معايير لجنة الجودة من جديد.
لست الآن بصدد مناقشه فلسفة الجودة أو مناقشة استحقاقنا لهذا الإعتماد من عدمه..إنما جال بخاطري مدى تشابه حالنا بكليتي العزيزة..ومدى تشابهنا في السعي نحو الجودة مع سعي كليات الجمهورية المختلفة وإعدادها العدة وإقامتها للاستعداداتِ علي قدمٍ وساق.
نعم الحالتين متشابهتين جداً..فنحن طوال شهر رمضان حرصنا اشد الحرص بل وتسابقنا لأداء الفروض المختلفة.والتي كانت تعد في الأيام العادية ضرباً من المستحيل وعملاً شاقا لن يحتمله الكثير..
كنا ننام في اليوم بضع ساعات وننهمك طوال اليوم في الصلاة والدعاء والذكر وقراءة القران..كثيرون منا شرعوا للاعتكاف في المساجد منا من اعتكف كلياً وترك منزله، ومنا من اعتكف جزئيا من بعد المغرب إلي بعد الشروق..ومنا من اعتكف في منزله واعتكف في نفسه وبدأَ مع الله عهداً جديداً.
كلٌ سعي إلي الله بطريقته..ولكننا اشتركنا في السعي والعمل الدءوب والجهد غير الملول لننال رضا الله عز وجل..
ولِنُحِسَ بقيمةِ كلمةِ المعية مع الله وفقط..
وبالفعل تعلقت أرواحنا بالله عز وجل
سالت منا العبرات..وارتفعت في صلاتنا الشهقات..تهدجت أصواتنا بالدعاء والبكاء..طالبين من الله العفو والمغفرة..
امتلأت المساجد عن آخرها..وازدادت معدلات الصدقات..تسابق الجميع لفعل الخير..وصفت بداخلنا النوايا والكلمات..
ولكن انتهت المدة..
انتهت مهلة الجودة..
رفعت الأعمال إلي الله عز وجل..
منا من شملهم الله بعطفه واستشعروا بلذة القرب منه
ومنا من رأوا بقلوبهم وأعينهم جلال وعظمه ليلة القدر
منا من ختم المصحف مرتين وأكثر
ومنا من ختمه لأول مرة في حياته
منا من تدبر الآيات بقلبه لأول مرة
ومنا من كان للقران حافظاً وزاد هذا العام في تدبره
كل تلك أفضال من الله..فلكل مجتهدٍ نصيب
والله سبحانه وتعالي موزع الرزق والنصيب..يقسم الأرزاق والجزاء بالتساوي..
ولكن ماذا بعد..هل انتهي إلي هنا المطاف..
هل ضمنا الآن الجودة..هل ضمنا استمرار تلك اللذة
لذة المعيةُ مع الله والرضا
أم أننا سنكون كمن يعبدون الله علي حرفٍ وان أصابتهم مصيبةٌ جزعوا وان أصابهم خيرٌ نسو حمد الله
نحن أمام الله دوماً في تقييم مستمر..لا تدوم الجودة لأحد
فالإيمان يزيد وينقص
واقسي عقاب من الله عز وجل يوقعه بعباده المؤمنون هو حرمانهم لذة العبادة..وحرمانهم لذة شعور المعية مع الله
فيصلي وقلبه غافل..ويدعو الله وكان بينه وبين الله جدران وأسوار من المعاصي وغضب الله
أعاننا الله ورقق قلوبنا في رمضان
حان الله وقت الشكر وعرفان الجميل والاستمرار
نحن لسنا سكان الأرض الأصليين..إنما نحنُ هنا لأداء اختبارٍ قصير
بعدها نُحاسب كلٌ علي سعيه وكلٌ علي عمله وقلبه
وكل مسرات الحياة التي نطلبها من الله الآن وتسعد قلوبنا بها..ما هي إلا هباتٌ من الله العزيز القدير وابتلاء في نفس الوقت..
فمن شكر..بارك الله له..ومن نسي رازِقَهُ..ابتلاه الله عز وجل في نفسه وفي رزقه
لقد حان الآن وقت العمل الصادق ووقت السعي الدؤب..ووقت جهاد النفس ضد الشيطان الرجيم وضد هوي الأنفس
وياله من جهادٍ شاق..لا يبلغه إلا المخلصون لربهم والمستعينين به..
من لم يكن له وردٌ فليخصص له وردٌ ثابت ينوي الاستمرار عليه..وليس بالضرورة أن يكون جزءاً طويلاً
بل المهم أن يكون جزء يقدر علي الاستمرار عليه
فالأعمال عند الله ليست بالطول والقصر ..إنما باخلاص النوايا والاستمرار..
فإن أحب الأعمال عند الله ادومها..ولرُبَ قائمٌ بالليل والنهار..في قلبه شئٌ من كبر لا يقبل الله منه
ولرُبَ مخلص طائع يعبد الله بقلبه ويجاهد نفسه في الوصول إلى رضاه..يجزيه الله فوق ما يتمني..
جعلنا الله وإياكم من المقبولين..
ووفقنا إلى ما يحب ويرضي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق